بسم الله الرحمن الرحيم
إن للناجحين مجموعة من العادات المترابطة بشكل عضوي، تعتمد إحداها على الأخرى، ويتلو بعضها بعضًا بصورة طبيعية. فالعادات الثلاث الأولى مرتبطة بالشخصية هي التي سنناقشها في هذه الصفحة الإلكترونية، تساعد صاحبها على تحقيق أهدافه اليومية، وهو ما يحقق له الاستقلالية، والاعتماد على النفس. والعادات التي تليها هي التعبير الخارجي الظاهر عن الشخصية وسنناقشها في صفحات أخرى، وهي توصل صاحبها إلى تحقيق المنفعة المشتركة. وعادات أخرى تساعد على مواصلة عملية التقدم والنمو، والمحافظة عليها.
العادة الأولى – كن مبادراً:
بادر ولا تنتظر. إن هذه العادة تعني أن تتحمل مسؤولية مواقفك وأعمالك. إن الناجحين قوم مبادرون، ينمّون في أنفسهم القدرة على اختيار ردود أفعالهم تجاه المواقف والأحداث، ويجعلونها ثمرة للقيم التي يحملونها، والقرارات التي يتخذونها، لا تابعة لأمزجتهم وأوضاعهم. إنهم يتمتعون بـالحرية في اختيار مواقفهم حيال أي وضع داخل أنفسهم أو خارجها.
إنك كلما مارست حريتك في اختيار مواقفك واستجاباتك وردود أفعالك أصبحت أكثر مبادرة وإيجابية. وسبيل ذلك:
- أن تكون هاديًا لا قاضيًا.
- أن تكون مثالاً يحتذى لا ناقداً.
- أن تكون مبرمجًا لا برنامجًا.
- أن تغذي الفرص وتجيع المشكلات.
- أن تحافظ عل الوعود لا أن تختلق الأعذار.
- أن تركز على الدائرة الضيقة للتأثير الممكن، لا على الدائرة الواسعة للأمور التي تهمك ولا سيطرة لك عليها.
تطبيقات العادة الأولى:· حاول ـ لمدة ثلاثين يومًا ـ أن تعمل في دائرة التأثير، أي: في حدود إمكاناتك واستطاعتك. حافظ على مواعيدك. كن جزءًا من الحل لا جزءاً من المشكلة.
· تذكر موقفًا حدث لك في الماضي تصرفت فيه بشكل انفعالي يعتمد على رد الفعل وقرر مسبقًا أنك ستتصرف في مواقف مماثلة بشكل حكيم يعتمد على المبادرة والإيجابية.
· انتبه إلى أسلوبك في الكلام، هل تستعمل عبارات انفعالية تعتمد على ردود الفعل، مثل: لا أستطيع، يجب علي... لو أني فعلت كذا وكذا...إلخ، وبذلك تحمل مسؤولية مشاعرك وتصرفاتك شخصًا آخر، أو تلقيها على الظروف إن كانت هذه هي الحال فابدأ باستعمال أسلوب أكثر مبادرة وإيجابية، تعبر فيه عن مقدرتك على اختيار مواقفك وردود أفعالك وعلى إيجاد حلول أخرى.
· حدد ما يقع في دائرة إمكانك، أي: ما تستطيع فعله، وركز اهتمامك وجهودك عليه لمدة أسبوع، ولاحظ نتيجة ذلك في عملك. أو قل وتذكر قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. [البقرة : 286]. وقول الشاعر: إذا لم تستطع شيئًا فدعه - وجاوزه إلى ما تستطيع.
العادة الثانية – ابدأ والنهاية أمام عينيك:أي: ليكن هدفك واضحًا منذ البداية.
هذه عادة القادة الناجحين. ابدأ يومك بأهداف واضحة تريد تحقيقها، وأعمال محددة تسعى لإنجازها. إن الناجحين يعلمون أن الأشياء توجد في الذهن قبل أن توجد في الواقع، لذلك فهم يكتبون أهدافهم ويجعلونها مرجعًا عند اتخاذ قراراتهم المستقبلية. إنهم يحددون بدقة وعناية أولوياتهم قبل الانطلاق لتحديد أهدافهم.
أما المخفقون فيسمحون لعاداتهم القديمة، ولأناس آخرين، وللظروف المحيطة بهم أن تملي عليهم أهدافهم، أو تؤثر في أولوياتهم، إنهم يتبنون القيم والأهداف السائدة في مجتمعهم، وتقاليدهم، وثقافتهم، دون فحصها للتأكد من صحتها، أو مناسبتها لهم، ويشرعون في تسلق سلم النجاح الذي يتخيلونه، فإذا وصلوا إلى آخر درجة فيه اكتشفوا أنه مستند على غير الجدار المطلوب!
إن التصور الثاني، أي: الوجود الفعلي المادي، يتبع التصور الأول، أي: الوجود الذهني، كما يتبع إنشاءُ مبنى على الأرض وجود مخطط البناء. فإذا كان المخطط صحيحًا، وممتازًا، وتم التنفيذ بالشكل المطلوب كان البناء ممتازًا.
تطبيقات العادة الثانية:
· تأمل الفرق بين القيادة والإدارة، واعزم على الاتجاه الذي تريد المضي فيه والغايات التي تريد الوصول إليها في حياتك.
· تخيل أنك متّ بعد ثلاثة أعوام من الآن، وقام للحديث عنك أربعة أشخاص: واحد من أفراد أسرتك، وآخر صديق لك حميم، والثالث زميل في عملك، والرابع إمام المسجد الذي تصلي فيه التصرف الأخير هذا من عندي، لأن المؤلف قال: راعي الكنيسة. اكتب ما تود أن يقوله عنك كل واحد من هؤلاء، واجعل ما كتبته من ضمن أهدافك.
· حدد مشروعًا عليك القيام به في المستقبل القريب. طبق مبدأ التصور، أو الوجود الذهني واكتب النتائج التي تود الوصول إليها، والخطوات التي ينبغي سلوكها لتحقيق تلك النتائج.
العادة الثالثة – رتِّب أولوياتك:
قدِّم الأهم على المهم.
تتصل هذه العادة اتصالاً وثيقًا بـإدارة الوقت، وبترتيب الأمور المشار إليها في العادة الثانية، التي ينبغي عليك القيام بها بحسب أهميتها.
لقد تبين من الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن (80) بالمائة من النتائج المرجوة هي حصيلة (20) في المائة من الجهود المركزة المبذولة في سبيل تحقيقها. لذلك علينا - إذا أردنا استثمار وقتنا بالشكل الأمثل - أن نقلل من اهتمامنا بالأمور المستعجلة القليلة الأهمية، وأن نخصص وقتًا أطول للأمور المهمة التي قد لا تكون بالضرورة مستعجلة.
إن الأمور المستعجلة الطارئة تتطلب منا اتخاذ إجراء مستعجل حيالها وهو ما يضيع علينا الوقت اللازم للقيام بالأمور الحيوية المهمة، التي هي - بطبيعتها - غير مستعجلة، ويمكن تأخيرها قليلاً دون حصول ضرر يذكر من هذا التأخير.
لذا علينا أن نكون مبادرين في إنجاز الأمور المهمة غير المستعجلة وعندما نستطيع أن نقول: (لا) لغير المهم نستطيع أن نقول: (نعم) للمهم. وإذا لم نفعل هذا فإن الأمور الطارئة العاجلة ستملأ علينا وقتنا، وقد تفسِدُ في المآل حياتنا، وهذا ما يؤدي إليه التخطيط اليومي دون التخطيط الأسبوعي أو الشهري، لأن التخطيط اليومي يتعامل مع القضايا والمشكلات التي تتطلب حلولاً سريعة، دون أن يكون لها نفع في تحقيق الأهداف الكبرى على المدى البعيد. أقول: فكيف بمن لا يخطط حتى ليوم واحد، وما أكثرهم بيننا!!
ولمزيد من الإيضاح لا بأس أن نرسم ما يمكن أن يُسمّى المربعات الأربعة لإدارة الوقت للاستفادة منه، ونلاحظ أن الجهد الأكبر، والوقت الأوفر، والعناية الأكثر يجب أن تُعطى للمربع رقم (2):
تطبيقات العادة الثالثة:· اكتب عملاً واحدًا مهمًا تحسن القيام به في حياتك الشخصية كممارسة الرياضة البدنية إذا لم تكن ممارسًا لها، وكالإقلاع عن التدخين إذا كنت مدخنًا وآخر في عملك الوظيفي كالوصول قبل بدء الدوام بربع ساعة مثلاً، ثم ضع جدولاً للأسبوع القادم مبنيًا على أولوياتك.
· ارسم المربعات الأربعة الخاصة بك، وقدّر كم من الوقت تنفقه في كل مربع، ثم سجل لمدة ثلاثة أيام كل ساعة ما قمت به في المربع الذي يناسبه، راجع ما سجلت، وعدّل سلوكك ومخططاتك لينال المربع الثاني من وقتك النصيب الأوفى.
· ابدأ بالتخطيط لحياتك على أساس أسبوعي، واكتب أهدافك، وارسم الخطط لتحقيقها وليكن ذلك كتابة أيضًا.
بالتوفيق للجميع
منقول
0 comments:
إرسال تعليق